الموسيقى في العراق القديم

الموسيقى أهمية كبيرة في العراق القديم و هي واحدة من أهم الاختراعات التي قدمها السومريون للبشرية
تزودنا الألواح المسمارية التي اكتشفت بأدق التفاصيل عن كيفية استخدام الآلات الموسيقية في العراق القديم و الرسومات و النحت على الألواح والتي تم استخراجها من المواقع الأثرية في العراق قدمت لنا بأدلة وافرة على استخدامات الموسيقى في سومر القديمة واكد وبابل وآشور و مدن الحضر و وصولا الى العصر العباسي و صممت الآلات الموسيقية بمشاهد تمثل المغنين والطقوس الدينية والسحرية والراقصين والألعاب البهلوانية والأحداث الرياضية و الاحتفالات
وكانت الموسيقى لصيقة لحياة الإنسان السومري وموته وهذا ما قرأناه في مذكرات العلامة الاثاري ماكس مالون والذي شارك العلامة ليوناردو وولي في الكشف عن مخابئ وأسرار وكنوز المقبرة الملكية في أور عندما يقول في صفحة 52 من المذكرات (كان مشهد المقبرة الملكية رائعاً عندما كنا نعمل جميعاً. وأذكر أن أحد القبور الملكية ضم ما لا يقل عن 74 شخصاً دفنوا أحياء في قاع المهوى الملكي العميق. بدأ عندما كشفنا سجادة ذهبية اللون مزينة بأغطية الرأس لسيدات البلاط، متخذة أوراق شجرة الزان، وعليها آلات القيثارة والقيثارات و فيها عزفت الترنيمة الجنائزية إلى النهاية
أن وعي الموسيقى في الذاكرة السومرية بدا خيالاً مفرطاً في الجمالية، وأظهرت تبيانات واضحة في تقدير الفرد داخل المجتمع. إذن في هذا المعنى نرى أن الموسيقى تمثل طموحاً اجتماعياً يريد أن يرتقي به الفرد وهذا يجعلنا إلى الاعتقاد أن المجتمع السومري قريب إلى المثالية التي هي مفقودة اليوم في أغلب المجتمعات، ولتأكيد هذا الكلام تقول الدكتورة دشس جيلمن من جامعة ليبيج في بلجيكا. (كان الموسيقيون فئة حرفية مهمة في ما بين النهرين، وأضحى بعضهم موظفين ذوي مناصب رفيعة في البلاط. كانت الموسيقى تلقن في مدارس بلاد الرافدين وكان التلميذ غير الموسيقي موضع ازدراء زملائه)

اكتشاف قيثارة اور الذهبية
وهي واحدة من أهم الإنجازات التي قدمت للبشرية بواسطة الحضارة السومرية وتعدّ واحدة من أقدم الآلات الوترية الموسيقية المكتشفة في التاريخ وهي أداة موسيقية ذات أوتار في عام 1928 اكتشفها علماء الآثار بقيادة عالم الآثار البريطاني ليونارد وولي ممثلين بعثة مشتركة للمتحف البريطاني ومتحف جامعة بنسلفانيا في مقبرة أور الأثرية في جنوب العراق ويعود تاريخها إلى 2600 قبل الميلاد

إن ما يقرب من نصف مليون لوح مسماري تم التنقيب عنه في مواقع الشرق الأدنى القديمة تزودنا بأدلة وافرة على استخدامات الموسيقى في سومر وبابل وآشور القديمة كما تشهد التمثيلات المصورة للآلات الموسيقية والمغنين والطقوس الدينية والسحرية والراقصين والبهلوانيين والأحداث الرياضية على أهمية الموسيقى في هذه المجتمعات القديمة وقد أضاف اكتشاف البقايا المادية للآلات الموسيقية في موقع أور بعدًا إضافيًا إلى معرفتنا. ولولا الآلات الوترية الأحد عشر التي تم العثور عليها في أور (قيثارتان وتسع قيثارات)، لما كان لدينا آلة وترية واحدة حقيقية من بلاد سومر-بابل القديمة. كما عثر في مقابر أور على زوج من آلات النفخ الفضية وعدد قليل من الأنواع الأخرى من الآلات؛ أعطتنا بعض المواقع الأخرى في بلاد ما بين النهرين التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ أجزاء من آلات النفخ العظمية

تفاصيل من اللوحة الموجودة على القيثارة

كانت الآلات الوترية الخشبية الأصلية التي عثر عليها في أور مزخرفة أو مغطاة بالذهب والفضة والنحاس واللازورد و اللؤلؤ وغيرها من المواد غير الخشبية التي لم تتأثر في الأرض على مدى آلاف السنين. وهذه المواد هي التي مكنت المنقبين من تحديد أشكال وأبعاد الأدوات

مشهد على ختم أسطواني ذهبي من قبر في مقبرة أور

(شخصيات تصفيق)، راقصة، وشخصية جالسة تعزف على قيثارة . يُظهر السجل العلوي المآدب الاحتفالية

.

المقاييس والضبط في الموسيقى القديمة
من بين الألواح المسمارية العديدة التي تمت دراستها، كنا محظوظين لأننا تعرفنا، منذ عام 1959، على عدد صغير من النصوص التي تتعلق بضبط وعزف الآلات القديمة. حتى الآن، حدد علماء الكتابة المسمارية عشرة ألواح من بلاد ما بين النهرينتحتوي على معلومات فنية حول السلالم الموسيقية القديمة. نحن نعلم الآن أنه بحلول الفترة البابلية القديمة في العراق القديم (أي بحلول عام 1800 قبل الميلاد على الأقل، أو حوالي 850 عامًا بعد فترة مقبرة أور الملكية)، كانت هناك إجراءات ضبط موحدة تعمل ضمن إيقاع سباعي وموسيقي. يتكون النظام من سبعة سلالم مختلفة ومترابطة حقيقة أن هذه المقاييس السبعة يمكن أن تكون مساوية لسبعة مقاييس يونانية قديمة (يعود تاريخها إلى ما بعد 1400 عام تقريبًا) أذهلت المجتمع العلمي تمامًا؛ وحقيقة أن أحد المقاييس الشائعة الاستخدام كان يعادل المقياس الرئيسي

بدا من الصعب على الكثيرين تصديقه لكن الأبحاث التي أجراها العديد من علماء الكتابة المسمارية وعلماء الموسيقى الذين يعملون معًا تم تعزيزها على مر السنين من خلال التراكم المستمر للألواح المسمارية التي تستخدم نفس المجموعة القياسية من المصطلحات الأكادية لتعيين أسماء الأوتار الموسيقية؛ أسماء الأدوات وأجزائها؛ تقنيات بالإصبع؛ وأسماء الفواصل الموسيقية (الأخماس، والربع، والثلث، والسادس)؛ وأسماء المقاييس السبعة التي تستمد تسمياتها من الفاصل المحدد للربع أو الخامس الذي يبدأ منه إجراء الضبط.

نسخة من لوح مسماري مجزأ من نيبور. يتعلق النص بالتعليمات البابلية القديمة المتعلقة بعزف الترانيم وغنائها.

اثنان من هذه النصوص المهمة جاءا من موقع أور، بينما جاءت ثلاثة أخرى من موقع سومري غني آخر، وهو مدينة نيبور القديمة. من المحتمل جدًا أن تكون أنظمة الضبط الموضحة في اللغة الأكادية في النصوص التي يرجع تاريخها من العصر البابلي القديم إلى العصر البابلي الحديث (حوالي 1800-500 قبل الميلاد) لها سوابق سومرية سابقة، لأن العديد من المصطلحات في الأكادية لها مرادفات سومرية.

نحن نعلم أيضًا أن النظام الموسيقي السومري البابلي تم تصديره على الأقل إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث تم استخدام نفس مجموعة المصطلحات الأكادية لتعليم العازفين الذين يؤدون ترانيم العبادة الحورية في أوغاريت القديمة (رأس الشام الحديثة) في سوريا. وليس ضربًا من الخيال أن نقترح أن اليونانيين القدماء، كما قال فيثاغورس، تعلموا نظرية موسيقى بلاد ما بين النهرين – إلى جانب الرياضيات – في الشرق الأدنى.

اكتشاف قيثارة اور من قبل البعثة المشتركة للمتحف البريطاني ومتحف جامعة بنسلفانيا عام 1900 في اور العراق

تابعنا

© جميع الحقوق محفوظة - موقع تاريخ العراق