اكتشافات دور شروكين

تقع دور شروكين خوربساد على بعد ١٥ كم من شمال نينوى في أسفل جبل مسري. كانت هذه المدينة مدعومة بقناة سهلت امدادها بالمياه، وكانت أيضا محصنة بجدار رباعي الأضلاع من الحجر والطوب النيئ، تتخلله ثمانية أبواب، تم العثور على سبعة منها فقط. و كان طول جدارها يبلغ حوالي ١٧٥٠× ١٦٥٠م. ولما كانت المدينة مشغولة بشكل جزئي فقط، فإن المبنى الوحيد والمهم كان القصر ف، في خارج الحصن جنوبي المدينة وكان مخزناً للأسلحة

سرجون ، ملك العالم ، ملك آشور (يقول): “لأنني أردت ذلك ، بنيت مدينة. دور شروكين -(أي قلعة سرجون) دعوت اسمها. قصر مثالي لا يوجد في الجهات الأربعة (في العالم) قصر ينافسه الذي بنيته في وسطه”القلعة

في شمال المدينة تقع القلعة، و كانت هي الأخرى محصنة وتحتوي على بابين تحرسهما الثيران. كما كانت تحتوي على أربعة مقرات (ك، ل، ج، م) عند أسفل القصر ومعبد مخصص لنابو إله الكتابة. وبنيت المقرات على شكل قصور صغيرة. كانت مخصصة لكبار الشخصيات، ولكن وحده المقر ل كان مخصصا بوضوح لـ سينهسور الوزير الأكبر وشقيق سرجون.

محيط القصر

بني القصر بمحاذاة جدار المدينة، وهومكان فريد من نوعه لا نعرف له مثيل في بلاد الرافدين، وكان محميا أيضا بحصن. وقد تم بناؤه على أكمة اصطناعية من التراب مع جدار حجري داعم يبلغ ارتفاعه حوالي ١٠ أمتار ويمكن الوصول إليه عن طريق منحدر عريض. زودت واجهة القصر ببوابة ثلاثية مزينة بنقوش ضخمة من الثيران ، تؤدي إلى ساحة كبيرة تفضي إلى مقاطع مختلفة : القصر شمالا، المعابد على الجانب الجنوبي الغربي وأماكن التخزين على الجانب الشرقي.

ثور مجنح (شيدو لاماسو) عثرت عليه بعثة المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو عام ١٩٣٠ في مدينة دورشروكين (خرسباد) وكان يحرس بوابة قاعة عرش الملك الاشوري شروكين (سرجون الثاني 722-705 ق.م) / معروض في متحف جامعة شيكاغو. هذا النموذج من الثيران المجنحة ذات الوجه الملتفت لم يعثر الا على عدد قليل منها وأحدها معروض في متحف اللوفر بباريس.

عُثر على التماثيل الضخمة للثيران المجنحة في مواقع العواصم الآشورية ، في كالخو (مدينة النمرود القديمة)و ظهرت هناك لأول مرة ثم في دور شروكين (خرسباد). وفي سوريا كانت تماثيل اللآماسو بهيئة اسد عثر عليها في عدة مواقع ووجد احد نماذجه وكان بخمسة ارجل في مدينة كار شولمانو أشاريد (تل احمر) وهو معروض في متحف حلب اضافة الى موقع (ارسلان طاش) قرب مدينة (كوباني) معروض بمتحف اللوفر واليوم ، تتوزع تماثيل الثور المجنح في متاحف اللوفر والمتحف البريطاني في لندن ومتحف المتروبوليتان للفن في نيويورك والمعهد الشرقي في شيكاغو.وكذلك المتحف العراقي

المواكب النهرية:

تم تحميل القطع الأثرية على “كيليكسات” وهي طوافات كبيرة تحملها المئات من الجلود المنتفخة التي تسمح لها بمقاومة الغرق تحت وطأة الحمل الثقيل. سارت هذه الطوافات التي شاع استخدامها في العراق منذ العصور القديمة، ضمن نهر دجلة متبعة مجرى التيار ثم تم تفريغها في البصرة بالقرب من شط العرب، حيث جهزت القافلة على متن الباخرة القادمة من بريست (الكورموران) أو من نانت (مانويل)

نقل النقوش (الجداريات):

برزت مشكلة نقل النقوش الجدارية المنحوتة منذ إنشاء خورسآباد في عهد سرجون، وخاصة نقل الثيران، ذات الارتفاع البالغ أكثر من ٤أمتار والتي يصل وزنها أحيانًا إلى ٣٠ طنًا. كانت فكرة بول إيميل بوتا أن يتم يقصها إلى أجزاء من أجل تسهيل نقلها، إلا أن فيكتور بلاص رفض مما استدعى بناء عربات مدعمة وإعداد الطريق لنقلها حتى النهر.

لنقل البحري:

في عام ١٨٤٦، تم شحن القطع الأثرية التي اختارها بول إميل بوتا على متن الكورموران. واستغرقت رحلة العودة عدة أشهر لأنها مرت عبر مدغشقر ورأس الرجاء الصالح. تم تفريغ القافلة في لو هافر ثم أرسلت إلى باريس من قبل شالاند، وبعد ثلاث سنوات من انتهاء حفريات بول إميل بوتا وصلت الحمولة إلى متحف اللوفر. كما استغرقت رحلة الباخرة مانويل التي حملت شحنة فكتور بلاس إلى لوهافر عاماً أخراً.

(صحيفة التصوير “لاليستراسيون”، ١٥ ماي ١٨٤٧)

.

فيكتور بلاس وغابرييل ترانشاند، ثيران الواجهة المنقبة بالكامل. فريق التنقيب في دور شروكين أمام بوابة المدينة رقم ٣.

دراسات عامة على دور شروكين : ساعدت العديد من الدراسات على تسليط الضوء على المعارف المكتسبة منذ اكتشاف خورسآباد. ففي عام ١٩٨٦، نشرت بولين ألبندا مع آني كوبيت مؤلفاً باللغتين الإنجليزية والفرنسية حول ديكور القصر في كتاب (قصر سرجون في آشور)، كما أجرت سيلفي لاكنباشير دراسة على نقوش القصر في عام ١٩٩٠. وفي عام ١٩٩٣، أقيم معرض (من خورسباد إلى باريس) في متحف اللوفر احتفاء بذكرى مرور ١٥٠ عاما على اكتشاف خورسآباد، وأصدر منشور حررته إليزابيث فونتان ونيكول شوفالييه. كما أقيمت ندوة في هذه المناسبة بإشراف آني كوبيت ركزت على تحديث المعرفة حول هذا الموضوع ومناقشة ما نشر في مؤلفها: خورسآباد، قصر سرجون الثاني ملك أشور، ١٩٩٥

الحملات العراقية : تأسس متحف العراقي في بغداد عام ١٩٢٩ بتشجيع من غيرترود بيل، عالمة الآثار البريطانية ومديرة دائرة الآثار العراقية. في عام ١٩٥٧، أجرت دائرة الآثار في العراق بقيادة فؤاد سفر حفريات جديدة في خورسآباد، اكتشفت بها ثيران جديدة معبد سيبيتي، وهو مبنى صغير به عدة طاولات حجرية على شكل حوض محمولة على أعمدة صغيرة أو ثلاثة أقدام. انضمت هذه المواد إلى مجموعات المتحف العراقي

نقل ثيران دور شروكين المجنحة

اثار المكتشفة في دور شروكين في المعهد الشرقي في شيكاغو

أنشئ المعهد الشرقي في شيكاغو، التابع لجامعة شيكاغو، عام ١٩١٩ ليضمن الوجود الامريكي في مجال علم الاثار الشرقية القديمة، وكان جيمس هنري بريستد أول رئيس له. استأنفت بعثة العراق في عام ١٩٢٩ أعمال الحفر في موقع خورسآباد ضمن ستة مواسم تنقيب: الثلاثة الاولى بين ١٩٢٩-١٩٣٢ تحت إشراف إدوارد شيرا، والمواسم الأخرى بين ١٩٣٢-١٩٣٥ بإشراف غوردن لوود وهنري فرانكفورت.

الأهداف العلمية:

عندما استأنف فريق المعهد الشرقي في شيكاغو أعمال التنقيب في الموقع (الذي توقفت فيه أعمال التنقيب منذ منتصف القرن التاسع عشر)، كان يهدف بشكل خاص إلى دراسة الهندسة المعمارية للقصر في مجملها ولهذا كانت اللقى الأثرية المكتشفة قليلة. كانت المعلومات المأخوذة عن المخططات وطرق البناء ووظائف الأبنية قيمة جداً، وأعيد رسم مخطط سور المدينة، إذ أن فيكتور بلاس كان قد صوّره بزوايا قائمة وأضلاع متعامدة.

الاكتشافات:

اكتشف فريق المعهد الشرقي ثيراناً ونقوشاً نحتية جديدة بالإضافة إلى اللقى الصغيرة (زخارف برونزية وعاجية)، وكان الاكتشاف المذهل استخراج لوحة عظيمة طولها حوالي ١٣ متر في مدخل المقر (ك) حفظت نتيجة سقوط الحائط نحو الأمام، فحفظت الألوان واحتكت بالأرضية. وبالتالي لكنا استطعنا رسم المشهد الممثل عليه لو لم تؤخذ عينات من الطينة المرسومة. أرسلت الأدوات المكتشفة إلى متحف المعهد الشرقي في شيكاغو والذي يحتفظ اليوم بأهم مجموعة أثرية لـبلاد الرافدين في الولايات المتحدة الأمريكية.

من قلعة سرجون فوق السهل إلى موقع نينوى

Leave a comment

تابعنا

© جميع الحقوق محفوظة - موقع تاريخ العراق