الحضارة والامبراطورية الاشورية الحديثة

العهد الأشوري الحديث :

ويقسم إلى دورين الامبراطورية الأولى ثم الثانية وبينهما فترة انتكاس وينتهي هذا العهد بسقوط نينوى عام ( 612ق م ) .

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

الامبراطورية الأشورية الأولى 912 – 745 ق م

بعد فترة الانتكاس تسلم الحكم في آشور ملوك فقضوا على الدويلات الآرامية في سوريا وأزالوا خطرها كما سيطروا على بابل وفتحوا المناطق الجبلية في الشمال والشرق في بلاد ارمينية . وشيدوا الحصون في النقاط الهامة الجبلية حبا بسلامة الامبراطورية والحماية طرق الموصلات ومساندة تجارهم اثناء رحلاتهم المستمرة وقد دون هؤلاء الملوك اخبارهم ورحلاتهم وحملاتهم العسكرية أو التي ذهبوا بها إلى الصيد واللهو. بالتفصيل على مناشير وأساطين من الفخار أو على الواح من الحجر . ومن ملوك هذا العهد :

( 912 – 891 ق م ) أداد نيرارى الثاني

اهنم قبل كل شيء بنقوية الجيش الاشوري الذي استطاع به اخضاع بعض الاقاليم المجاورة ، ثم تحالف مع بابل . وابتداء من زمن حكم هذا الملك أرخ الاشوريون اخبارهم بالطريقة المعرفة باسم ( اللمو ) وهي اعطاء تأريخ كل سنة يحكم فيها موظف كبير ابتداء من نبؤ الملك العرش

قاعدة التمثال من البازلت منقوش عليها اسم وألقاب أداد نيراري الثاني

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

توكولتي تنتورنا الثاني :

الذي أمن طرق الموصلات التجارية والحربية مع جميع أطراف المملكة وأقام فيها القلاع

طوب فخاري مزجج من عهد توكولتي نينورتا الثاني يظهر حدود عربة مطلية من الأعلى والأسفل ونقش مسماري

ثم تبعه في الحكم ابنه الشهير

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

( 884 – 858 ق م ) آشور ناصر بال الثاني

أوغل في فتوحاته في الجبال الشرقية والشمالية ووطد الامن في أطراف المملكة ومستعمراتها وحارب الأراميين وفتح

دمشق . وكان من الملوك القساة في الحكم وادخل نظام الخيالة في جيشه بصورة واسعة كما اتخذ الدبابات للهجوم

على القلاع وقسم المملكة الى أقضية يحكم في كل منها ولاة بعينهم الملك .

ومن أهم أعماله تجديد بناء مدينة كالح ( نمرود ) وقد شيد لها مسناة من الحجر المهندم على دجلة وبنى له فيها

قصرا فخما بعد من أعضم البنايات الاشورية وزينه بالواح كبيرة من الرخام نقشت نقشا بارزا بمناظر مختلفة تمثل

الملك في صيده وحروبه والامراء الذين أخضعهم حاملين الهدايا والجزية وقد كشفت بعثة التنقيب البريطانية قبل

مائة سنة كثيرا من هذه الألواح كما ان بعثة مالوان بعد الحرب العالمية الثانية أكملت اكتشاف الباقي منها

وكمية من آثار العاج المنقوشة نقشا بديعا معظمها اليوم في القاعة ( الثالثة عشرة ) من المتحف العراقي ووجدت

لهذا الملك في نمرود مسلة كبيرة نقشت بكتابات عن أعماله خلال الخمس سنوات الأولى من حكمه لاسيما فيما

يتعلق بحفلة افتتاح قصر الملك في نمرود

لوح مسماري بـ 49 سطراً يسجل عمل الملك آشورناصربال الثاني في معبد عشتار بنصب تمثالا ذهبيا للإلهة في ضريحها في نمرود كالح شمال العراق (883 قبل الميلاد – 859 قبل الميلاد) ينتهي النص و يذكر أعمال الترميم في المستقبل إذا كان محترمًا وأضاف اسمه ببساطة إلى جانب اسم آشورناصربال فإن الآلهة ستمنحه النجاح في الحرب والازدهار العام إذا مسح اسم آشورناصربال أو أساء معاملة الكتابة بأي طريقة أخرى فهناك لعنة يفقد العرش ويسيطر عليه العدو و تكون هناك مجاعة في أرضة ويهلك اسمه ونسله

تفاصيل لجزء من لوحة من الحجر الجيري اكتشفت في معبد نينورتا شمال العراق تمثل الملك الاشوري اشور ناصربال الثاني تاريخ 859-883 قبل الميلاد
في عام 879 قبل الميلاد أقام اشورناصربال الثاني مهرجانًا لـ 69،574 شخصًا للاحتفال ببناء العاصمة الجديدة كالخو وتم توثيق الحدث من خلال نقش مكتوب عليه
( الناس السعداء في جميع الأراضي مع شعب كالخو
لمدة عشرة أيام كنت أحتفل بهم وأكرمهم وأعادتهم إلى منازلهم بسلام وفرح ) وهو ملك الأمبراطورية الآشورية من 883 إلى 859 قبل الميلاد. خلف والده توكولتي نينورتا الثانى عام 883 قبل الميلاد خلال فترة حكمه شرع في حَملة توسُعية كَبيرة أولاً سيطر على الشعوب الواقعة إلى الشمال في آسيا الصغرى وفرض الجزية على فريجيا وفرض الجزية على فينيقيا و آرام وسيطر عل الآراميين والحيثيين بين الخابور ونهر الفرات تم بناء قصر آشورناصربال الثاني واكتمل بناؤه عام 879 قبل الميلاد في كالخو الاسم الحديث النَمرود التي تقع في شمال العراق كانت جدران القصر مبطنة بنقوش منحوتة في المرمر حملت هذه النقوش المنحوتات المتقنة وكثير منها يصور الملك محاطًا بأرواح واقية مجنحة ، أو يشارك في الصيد أو في حملة. كان لكل منها نص مكتوب فيه كان هذا النص هو نفسه أو متشابهًا جدًا في كل نقش بارز يبدأ النقش بتتبع نسب آشورناصربال الثاني إلى ثلاثة أجيال ، ويسرد انتصاراته العسكرية ، ويحدد حدود إمبراطوريته ، ويخبر كيف أسس كالح النَمرود ، وبنى القصر. بنى آشورناصربال الثاني أيضًا بوابة ضخمة في كالح

ثم تبعه في الحكم ابنه :

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

شلمنصر الثالث ( 858 824 ق م )

ورت عن أبيه امبراطورية شاسعة مترامية الاطراف ثم أضاف اليها مستعمرات جديدة بعيدة ووصل الى منابع دجلة

والفرات وقضى حكمه الذي دام خمسة وثلاثين عاما في سلسلة من الحملات الحربية دون تفاصيلها على مسلة كبيرة

من حجر أسود وهي اليوم من معروضات المتحف البريطاني وفي القاعة الثانية عشرة في المتحف العراقي نسخة من الجبس لهذه المسلة . وقد دون فتوحاته على لوح كبير من الرخام ايضا وهو موجود في ( القاعة 12 في الخزانة رقم 18 ) . حارب هذا الملك في سوريا وفلسطين وقضى على أحلاف الآراميين واليهود وحارب في الاناضول وهضبة ايران الشمالية وهاجم القبائل العربية في الصحراء ونشر الحضارة الاشورية في كل مكان وقدس الاله آشور وفضله على بقية الآلهة في بابل وبلاد الاشوريين.

عربة اشورية يقود خيولها الخدم مع رامي السهام تمثل حملة عسكرية للملك الاشوري شلمنصر الثالث في سوريا وفينيقيا موقع الإكتشاف شمال العراق الموقع الحالي متحف اللوفر

معركة قرقور

معركة قرقور أو معركة قرقر أو معركة قرقار التي وقعت في قرية قرقور والتي حدثت بها المعركة وأطلق عليه حديثا تل قرقور بالقرب من قرية قرقور التي تقع في شمال غرب سوريا .

دارت عام 853 قبل الميلاد بين الجيش الآشوري تحت قيادة الملك شلمنصر الثالث عندما كان الآشوريون يشنون هجماتهم على الآراميين في الشام قبل ٢٨٠٠ حيث توحد 12 ملك واضعين اليد باليد على اختلاف أعراقهم وأصولهم لمواجهة هذا الغزو تحت قيادة حدادزير الدمشقي وهنا تم ذكر العرب للمرة الأولى في التاريخ .

مع تصاعد القوة الآشورية في العالم القديم ووصول الملك الآشوري شلمنصر الثالث المعروف بقدراته القتالية والقيادية المتميزة كُرست كل الجهود لتوسع المملكة الآشورية نحو غرب نينوى حيث بلاد الشام حتى كان الآشوريين في عام 857 ق.م يتجولون بحريةٍ في جبال أمانوس “تركيا الحالية” وشواطئ البحر الأبيض المتوسط توسع الآشوريون لم يجلب أيّ استقرار بل جعل المنطقة تغلي حيث وجد ملوك الحاضرات القديمة القريبة من الحدود الآشورية التوسعية أنّهم في خطرٍ وجودي .
ونتيجةً لذلك تجمعت المدن والممالك وتعاهدت على أنّ يكونوا يداً واحدة في محاربة الآشوريين في واحدة من أوائل التحالفات الدولية في التاريخ عمل المتحالفون أيضاً على زعزعة الاستقرار في المدن الآشورية الأمر الذي ازعج شلمنصر الذي قرر الدخول معهم في مواجهةٍ لإثبات من هو الأقوى في العالم القديم .

اللافت في هذه المعركة هو أعداد المقاتلين المشاركين فيها حيث فاقت أي معركة سابقة ولكونها أيضا أول حادثة تأتي بالذكر لأول مرة في التاريخ لبعض الشعوب كالعرب وتعرف مدينة قرقور القديمة التي وقعت بها المعركة بأنها الموقع الأثري الذي أطلق عليه حديثا تل قرقور بالقرب من قرية قرقور .

سجل الملك شلمنصر الثالث أحداث المعركة على أحد الألواح الآشورية التي أقامها وطبقا لوصفه فلقد غادر شلمنصر على رأس جيوشه نينوى عام 853 ق.م لغزو الغرب فاكتسح كل ما أراد أن يكتسحه وسيطر على كل المدن عبر نهري دجلة والفرات دون عقبات مستقبلا أثناء مروره العطايا من المدن التي مر بها والتي أعلنت أيضا خضوعها له ومنها مدينة حلب وبمجرد عبوره لحلب قابل الملك أول مظاهر المقاومة من قوات الملك إروليني ملك حماة استطاع شلمنصر أن يهزم قوات حماة ولم يكتف بل قام على سبيل العقاب بهدم مدن وقلاع مملكة إروليني وبعد أن حصد شلمنصر غنائمه في قرقور واصل تقدمه حتى قابل القوات المتحالفة بالقرب من نهر العاصي .

قوات الحلفاء المنافسة
تصف لنا نقوش شلمنصر قوات غريمه حدادزير وحلفائه بالتفصيل كالتالي :

  • الملك حدادزير نفسه ومعه 1200 عربة حربية و1200 فارس و20000 جندي .
  • الملك إروليني ملك حماة ومعه 700 عربة حربية و700 فارس و10000 جندي .
  • الملك أحاب ملك إسرائيل أرسل 2000 عربة حربية و10000 جندي .
  • أرسلت مدينة قليقيا 500 جندي .
  • أرسلت مدينة موسورة (عرفها البعض بأنها مصر إلا أن الرأي الأغلب أنها مدينة بالقرب من قليقيا) 1000 جندي .
  • أرسلت مدينة أركانتا (تل أركا) 10 عربات حربية و10000 جندي .
  • أرسلت مدينة أرواد 200 جندي .
  • أرسلت مدينة أوسنطة (بجبل لبنان) 200 جندي .
  • أرسلت مدينة شيانو (بجبال الساحل السوري) 30 عربة .
  • أرسل الملك جندبو ملك العرب 1000 فارس (جمال) .
  • الملك بعشا بن روحوبي ملك العمونيين (مئات) .

المعركة
يصف شلمنصر المعركة بالإسلوب النمطي الآشوري كالتالي :
مع القوى العظمى التي منحها لآلهة آشور ومع الأسلحة ذات المعيار الإلهي التي تقدمتني حاربتهم وهزمتهم بشكلٍ ساحقٍ من قرقر إلى مدينة جيلزاو 14000 من جنودهم ذبحتهم بالسيف مثل أداد (إله الرعد الآكدي) أمطرت الدمار عليهم فرقت ألويتهم وملأت بسيفي الأرض الواسعة بجنودهم جعلت دمائهم تسيل في الوادي كانت الأرض أصغر من أن تكفي لجثثهم أغلقت نهر العاصي بجثثهم لأجعل منها جسراً وجردتهم من عرباتهم وفرسانهم وأحصنتهم .
وهنا كُسر اللوح الطيني الذي نستقي منه هذه المعلومات ومع وجود عدد كبيرٍ من الأخطاء الإملائية في اللوح نستنتج أنّه كُتب سريعاً لتدوين الانتصار الرائع الذي حظي به شلمنصر .

المسلة السوداء لشلمنصر الثالث ، منحوتة بمشاهد تحتفل بإنجازات الملك الآشوري ورئيس وزرائه ؛ 825 قبل الميلاد. المتحف البريطاني,

اكتشف عالم الآثار هنري لايارد هذه المسلة من الحجر الجيري الأسود في عام 1846 أثناء حفرياته في موقع كالخو ، العاصمة الآشورية القديمة شمال العراق. تم تشييده كنصب تذكاري عام في عام 825 قبل الميلاد في وقت الحرب الأهلية. تمجد المنحوتات البارزة إنجازات الملك شلمنصر الثالث (حكم 858-824 قبل الميلاد) ورئيس وزرائه. يسرد حملاتهم العسكرية التي استمرت واحدا وثلاثين عاما والجزية التي فرضوها من جيرانهم: بما في ذلك الجمال والقرود والفيل ووحيد القرن. غالبا ما جمع الملوك الآشوريون والنباتات الغريبة كتعبير عن قوتهم.مشاهد واحداث باسلوب السرد القصصي لجلب الغنائم الحربية الى العاصمة الاشورية تجسد الامراء يقدمون فروض الطاعة والولاء والذين خضعوا لسلطة الملك الاشوري منهم من يقبل قدميه او يحمل اليه الهدايا والجزية وتذكر الكتابة اسماءهم في الصف الثاني ومنهم ملك اسرائيل جيجو (يهو) بن عمري الذي يظهر راكعا امام الملك ، وعليها كتابات مسمارية تذكر فتوحات الملك الاشوري التي شملت مناطق واسعة من بلدان الشرق الادنى بما في ذلك آرارات شمالي ايران وافغانستان وسوريا وفلسطين كذلك تذكر الكتابة اعمال الملك العمرانية التي قام بانجازها خلال الواحد والثلاثين عاما الاولى من حكمه كما تذكر الكتابة دخول الجيوش الآشورية لدمشق في عام ٨٤١ق.م في زمن ملكها الآرامي (حزائيل ) النسخة الاصلية محفوظة حاليا في المتحف البريطاني.

وحدت في السنين الاخيرة من حكم شلمنصر ان نار عليه أحد ابنائه وسبب فتنا داخلية واضطرابات أدت إلى فقدان كثير من هيبة المملكة الاشورية في الداخل والخارج وكانت سببا مباشرا في ضياع كثير من المستعمرات البعيدة

وانتهت الثورة بتغلب ( شمشي أداد الخامس ) وارث العرش على أخيه الثائر بينما بقى ملك بابل المدعو ( مردوك زاكر

شمي ( على ولائه لملك آشور. وقد تزوج الملك الاشوري من اميرة بابلية تدعى ( شمورامات ) فكان لها أثر ظاهر في تحسين العلاقات بين وآشور ونشر الثقافة البابلية في الشمال لاسيما عبادة الآلة نابو .

ثم تسلم الحكم ابنه :

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

أداد نيرارى الثالث ( 811 – 781 ق م )

وكان صغير السن تولت الوصاية والدته ( شعورامات ) التي أحرزت شهيرة عالمية وقد ذكرتها المصادر الاغريقية باسم سميراميس وقد قام أداد نيراري باعمال مجيدة عند تسلمه الحكم. وقد وجدت له في تل الرماح ، حيث نقبت بعثة بريطانية، مسلة كبيرة من الرخام تمثله واقفا امام رموز الآلهة وعلى المسلة كتابات كثيرة تثبت أعماله ( القاعة العاشرة – الرقم (22 ) ثم تولى الحكم في نمرود بعد أداد تيرارى ابنه ( شلمنصر الرابع ) ثم ( أشور دان الثاني ) الذي اتخذ فيما بعد أساسا لضبط التقويم الاشوري عند المؤرخين أن أمكن ارجاع زمنه بالحساب الفلكي الى حزيران عام 763 ق م واخذ امر الدولة الاشورية بالتدهور والضعف ونشبت في مدينة نمرود ثورة داخلية تولى بعدها الملك ( تجلا نبلاسر الثالث ) فأعاد إلى المملكة مجدها وأنقدها من الدمار وكان ذلك بدء عهد الامبراطورية الثانية …

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

الامبراطورية الأشورية الثانية 745 – 612 ق م

( 745 – 727 ق م ) تجلا نبلاسر الثالث

يبدأ عهد الامبراطورية الأشورية الثانية بتسليم الحكم هذا الملك العظيم الذي دام حكمه ثماني عشرة سنة تمكن خلالها استعادة مجد المملكة الأشورية وقوتها. وقد انتهج في سياسته اللين والتسامح مع الدول الخاضعة له . وبعد أن ثبت دعائم الحكم في بلاد آشور اتجه جنوبا وحارب القبائل الارامية والكلدانية والعلاميين وقضى على فتنهم في بلاد بابل ثم أنقلب شمالا لايقاف زحف ( ساردور الثاني ( ملك أورانو وتمكن من دحره وارجاعه إلى بلاد أرمينية . ثم التفت الى الدويلات الارامية في سوريا وحارب في حلب وفتح دمشق سنة ( 732 ق م ) وفتح المدن الساحلية من خليج الاسكندرونة حتى غزة ووصل الى الحدود المصرية . ثم حمل ثانية على بلاد بابل وانحدار الى أقصى الجنوب وأخضع مملكة بيت ياكيني ثم حارب المشايخ العربية في الصحراء. واتخذ سياسة التهجير ونقل الشعوب من مكان إلى آخر ودمجهم مع بعضهم ليجعل منهم أمة موحدة ذات لغة واحدة وعادات متشابهة فنقل جماعات كبيرة من سكان سوريا وفلسطين واسكنهم بلاد بابل و آشور ورحل جموعا من البابليين وأسكنهم في الشمال والغرب وبعد وفاته تسلم الحكم ابنه شلمنصر الخامس الذي سمى نفسه ملك بابل و آشور وقد نار في زمنه ( هوشع ) ملك اسرائيل فحاصر شلمنصر عاصمته السامرة مدى ثلاث سنوات وتوفى أثناء ذلك فتولى بعده :.

( 722 – 705 ق م ) سرجون الثاني

في 710 حقق سرجون انتصارات في كل مكان فخضعت له كل سوريا وفلسطين ومعظم سلسلة جبال زاجروس وفشلت كل جهود الأعداء في النيل من الإمبراطورية الأشورية التي بلغت أوج عظمتها وقوتها

بوابة قلعة الملك الاشوري سرجون الثاني في دور شروكين شمال العراق (التقطت الصورة أثناء التنقيب في الأربعينيات)

دام حكمه سبعة عشر عاما قضاها في الحروب والفتوحات و أول عمل قام به أنه أكمل فتح مدينة السامرة وقضى على مملكة اسرائيل عام ( 721 ق م ) وفتح بقية المدن السورية والفلسطينية والسواحل الفينيقية . وحدث في بداية حكمه ان نار الملك الكلداني المدعو ( مردوك بلادان ) من مملكة بيت باكيني في أقصى الجنوب واستولى بالتعاون مع العيلاميين على بابل وعلى أكثر المدن الجنوبية فحاول سرجون تأدبيه الا انه اخفق في المرة الأولى وترك يابل تحت حكم مردوك بلادان أكثر من عشر سنوات واشتغل سرجون خلالها بنقوبة المملكة الأشورية في الشمال وفتح المدن الآرامية في سوريا وفلسطين وقضى على احلاقهم التي كانت نعقد بتحريض من فرعون مصر . وكانت تحركات الأقوام الآرية شديدة في ذلك الحين ملأت الشمال من الشرق في هضبة ايران الشمالية إلى الغرب في سواحل آسيا الصغرى .ثم توجه سرجون ثانية نحو بلاد بابل بسانده جيش قوي لم يتمكن ( مردوك بلادان ) من الصمود امامه ولم تأته المساعدة من العيلاميين فهرب الى الجنوب وترك بابل للاشوريين وكان ذلك عام ( 709 ق م ) ولحق به سرجون إلى مملكة بيت باكيني وفتحها وعلى ما يظهر انه عفا عنه وعينه ملكا على مملكة الجنوب كان سرجون من طبقة الارستقراطيين المحافظين على عادات الاشوريين القديمة وعباداتهم لهذا نراه ينهض بعيادة الاله آشور ويعمر معابده في أشور وغيرها من المدن غير أن أشهر مأثره العمرانية بناوءة عاصمة جديدة سماها بأسمه ( دور شاروكين ) ويطلق على اطلالها اليوم خرسباد والاسم محرف من ( خسرو آباد ) وهي على نحو 12 كيلومترا إلى الشمال من نينوى وقد زين سرجون مداخل المدينة وقصره بتماثيل كالثيران المجنحة والواح كبيرة من الرخام نقشت نقشا بارزا بمناظر مختلفة وبشاهد زائر المنحف العراقي كثيرا من هذه الالواح في القاعة العاشرة .

لوح مسماري من الذهب مكتشف في دور شروكين الاشورية شمال العراق
(900-600 قبل الميلاد) نموذج من النقوش الموجودة في أساسات المباني الرسمية لإحياء ذكرى تأسيس سرجون الثاني للعاصمة الآشورية الحديثة في دور- شاروكين يتضمن هذا اللوح معلومات حول اللقب الملكي للملك ؛ أنشطة البناء في المدينة ، بما في ذلك القصور والمعابد ؛ ولعنة ضد أي شخص قد يدمر ممتلكات الملك

ولم يتمتع سرجون بعاصمته الجديدة فقد توفى في أحدى غزواته في الشمال بعد سنة واحدة من انتقاله إلى المدينة.

لم تكن وفاة الملك متوقعة، وبعد مرور عام واحد توقف الأشغال الكبرى في دور شروكين ، وتوقف افتتاح ” القصرالذي لا مثيل له”. وكان هونفسه مقتنعا أنه سيعيش به طويلا حسب ما يتضح من خلال النقوش التأسيسية:
” إن الآلهة التي تعيش في السماء وعلى الأرض وكذلك في هذه المدينة، قد ابتهجت من أوامري، وبالتالي أكدوا لي، إلى الأبد، فضل بناء هذه المدينة والشيخوخة فيها

الجديدة وتولى الحكم بعده ابنه :

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

سنحاريب 705 – 681 ق م

تولى الحكم بعد موت والده سرجون ولم يشأ استعمال الابنية التي شيدها والده ولم يسكن في العاصمة الجديدة بل تركها وانتقل الى نينوى وجدد أبنيتها فردوس الأرض بحدائقها الغناء ومجارى المياه التي تمر بها .كان سنحاريب حاكما حازما وسياسيا بارعا استعمل القوة والشدة في حروبه ضد اعدائه وأدخل كثيرا من الاختراعات في أساليب الحروب واسلحتها . ثارت بابل عليه في بداية حكمه بقيادة مردو كبلادان العدو السابق مجهز سنحاريب حملات حربية موفقة في آسيا الصغرة وسواحل بحر ايجة فكانت تلك الحملات سببا مباشرا في تبادل الثقافة

بين الشرق والغرب، وبعد ذلك انحدر نحو ساحل فنيقية وقضى على احلاف الدويلات في صور وصيدا وعسقلون

وعاد فاخضع جميع المدن التي كانت تحت الحكم الاشوري في الماضي وحاصر القدس في زمن ملكها حزقيا ولتنفشى

الطاعون في جيشه اضطر الى التراجع الى نينوى. وكانت بابل في اثناء ذلك قد ثارت مجددا لان أهلها ورجال الدين

فيها كانوا ناقمين عليه لانه لم يحترم عبادة الاله مردوك بل جعل بابل جزءا ملحقا بالمملكة الاشورية . فجهز

سنحاريب حملة تأديبية قوية ضد الثوار وافتتح بابل وعين عليها احد اولاده ثم أراد القضاء على دويلات أهل البحر

في أقصى الجنوب لانهم كانوا دوما سبب الفتن في بلاد بابل فأمر سنحاريب يصنع السفن الحربية وجلب لذلك صنلعا

ماهرين من الفنيقيين واليونان صنعوا له السفن على دجلة والفرات وانحدر بها نحو الجنوب عابرا الاهوار حتى

وصل الى البحر. وفي المتحف العراقي لوح كبير من الرخام نقش بمنظر يمثل هذه الحملة ( القاعة الثانية عشرة –

الرقم 10 ) ، وفتح جميع دويلات الخليج وانتهز العيلاميون فرصة انشغال سنحاريب في الجنوب فهاجموا أوسط

العراق ومنطقة بابل فرجع عليهم سنحارب غير أن قواه كانت على ما يظهر قد ضعفت وكان مركز تموينه بعيدا مما

اضطره إلى التراجع نحو نينوى لكنه لم يمهلهم طويلا اذ عاودهم بجيش قوي حاصر به بابل وفتحها عنوة وكان

غضبه شديدا عليها قدمرها وأحرق قصورها ودك اسورها وفتح مياه الفرات عليها حتى غمرتها . ثم انحدر جنوبا

المحاربة القبائل العربية التي ساعدت الثوار في بابل وتقدم نحو دومة الجندل واخضع مشايخها ثم عبر الصحراء من

هناك نحو ساحل البحر المتوسط ووصل قرب غزة وأراد محاربة المصريين الذين كانوا في الغالب سببا في تحريض

الدويلات في سوريا وفلسطين ضد أشور الا ان التعب كان قد أخذ مأخذه من سنحاريب فتراجع بعد ان النقى بجيش

طاهرقا فرعون مصر على الحدود .وقد اشتهر سنحاريب إلى حروبه العديدة باعماله العمرانية ايضا ولاسيما بحفر النرع والاقنية وقد جلب المياه الى نينوى من منابع نهر الكومل في جبل بافيان وسيرها في أقنية وعلى قناطر مبنية بالحجر وفي أواخر حكمه عين ابنه اسر حدوث من زوجته الارامية ( نقية ) وليا للمعهد دون أخونه الذين يكبرونه فثار عليه أحد أولاده بمساندة رجال الحكم وقتلوه سنة (681) ق م

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

( 681 – 669 ق م ) اسرحدون

كان اسرحدون عند مقتل والده في الشمال في جبال ارمينية فتقدم نحو نينوى وفتحها وقضى على حركة التمرد فيها . سار اسرحدون على سياسة المصالحة مع بابل وجدد بناء ما تخرب منها زمن والده وعين على عرشها ابنه الأكبر شمش شم أوكن ) وحارب جنوبا للقضاء على حركة قام بها مردوك بلادان وانتصر عليه وهرب هذا الى عيلام وقتل هناك وعين اسر حدوث اميرا جديدا في هذه المنطقة هو ابن مردوك بلادان الثاني وهكذا استنب الأمن له في الجنوب وفي عام ( 676 ق م ) توجه اسرحدون نحو سوريا وسواحل فينيقية وفتح جميع المدن الداخلية والساحلية وانهالت عليه الهدايا من امرائها وأمراء قبرص واليونان. وقد فاق اسر حدون غيره من ملوك أشور شهرة بسبب غزوه مصر فقد وجه حملة قوية لدحر الجيوش المصرية التي كانت تناونه العداء في سوريا وفلسطين ونقدم بجيشه نحو الحدود المصرية وحارب الفرعون طاهرقا عام ( 673 ق م ) ثم تراجع الى نينوى وبعد سنتين أعاد الكرة فهجم بجيش عرموم على دلنا مصر وفتحها ودخل العاصمة ممفيس وهرب طاهرقا نحو مصر العليا واستولى اسرحدون على عنائم كثيرة نقلها إلى نينوى وترك خلفه في ممفيس حامية آشور . وقد عثرت مديرية الآثار العراقية في تل النبي يونس على بعض الآثار المصرية وبينها كسر ثلاثة تماثيل كبيرة من حجر الدويوريت الاسود للملك طاهرقا . وعند رجوع اسرحدون من حملة مصر نقش صورته في الصخور البجبلية عند مصب نهر الكلب قرب بيروت تذكارا لهذا الانتصار الباهر. وفي اثناء حكم اسر حدوث كانت موجات الاقوام تزحف نحو آسيا الصغرى مرة من الشرق إلى الغرب واخرى من الغرب الى الشرق وقد تشكلت حينذاك دويلة الميذبين في شمال ايران .وحدث في أواخر حكم اسر حدوث خلاف على وراثة العرش فعين ابنه الصغير آشور بانيبال وليا للعهد وذلك ارضاء لامه البابلية نقبة . ثم عين ابنه الكبير ( شمش شم او كن ( ملكا على بابل على أن يدين بالولاء لاخيه ثم تعرض اسر حدوث وحدثت فتنة في مصر جهز لها حملة لقمعها الاانه توفى في الطريق وخلفه ابنه :.

آشور بانيبال ( 669 – 629 ق م )

كان آشور بانيبال مولعا بالاداب والفنون الجميلة وجمع كتبا كثيرة وأمر بترجمة الواح الطين المكتوبة بالسومرية أو الاكدية أو البابلية وحفظها في مكتبته العامرة التي عثر عليها في نينوى ،

على اليمين تمثال الملك اشور بانيبال
يظهر الملك مع سلة على رأسه بشكل باني يقف على الأرض مع انضمام الملك شمش شوم أوكين لترميم
معبد إيساكيلا هو معبد (المعبد ذو الرأس المرفوع)او ( البيت الشامخ)
في مدينة بابل العراق
على اليسار تمثال شمش شوم أوكين مع النقش المسماري يمثل الملك كشخص واقف مع سلة
شمش شوم أوكين هو ملك اشوري على بابل و هو الابن الثاني للملك الاشوري آسرحدون هو أخ الملك الاشوري آشور بانيبال

أمر آشور بانيبال قائد الجيش الاشوري ) شانابو ) بالاستمرار في السير بالجيش الذي كان والده قد جهزه لقمع الفتنة في مصر فتقدم هذا إلى الدلتا وحارب طاهرقا والأمراء المصريين الآخرين وفتح ممفيس . ثم لحق بطاهرقا حتى مصر العليا وفتح طيبة ايضا وهكذا خضعت مصر جميععها للحكم الاشوري، وعين آشور بانيبال عليها ولاة مصريين ومنهم بسمائك وتعاقد معهم على ان يدفعوا الجزية للدولة الاشورية ويقدموا الولاء لها . وبعد انسحاب الجيوش الاشورية ضم بسمائك المقاطعات المصرية تحت لوائة وأسس السلالة السادسة والعشرين وكانت موالية للدولة الاشورية . أما في بلاد بابل فقد ذكرنا سابقا ان اسر حدوث كان قد عين أحد أولاده المدعو ( شماش شم اوكن ( حاكما على بابل، فلما تسلم الحكم آشور بانيبال في نينوى تقدم أخوه ) شماش شم او كن ( بالطاعة والاعتراف بالسلطة العليا لملك نينوى . وفي الوقت ذاته اعترف آشور بانيبال بملوكية اخيه على بابل, وهكذا تعاون الاخوان على حكم بلاد الرافدين مدة عشرين سنة ، ولكن حدث بعد ذلك ان انجرف الاخ شمش شم او كن في نيار التمرد الذي طغى على بلاد بابل ضد آشور بانيبال فشق عصا الطاعة على أخيه فجرد آشور بانيبال حملة تأديبية ضد بابل وحاصر أخاه فيها وفتحها عنوة عام ( 648 ق م ) و دمرها واحترق شمش شم او كن وسط لهيب قصره . ثم زحف ملك نينوى جنوبا للانتقال من القبائل الارامية والعربية التي ساعدت الثورة واخضعهم جميعا وهاجم العيلاميين في عقر دارهم وفتح عاصمتهم السوس وخربها ونبش قبور ملوكها وهكذا دان الشرق الأوسط للحكم الاشوري حسب نص آشوري متأخر ان آشور بانيبال حكم ( 42 سنة ) ، فيكون زمن حكمه من 669 الى 627 ق م ) . الا ان الحوادث التاريخية في أواخر حكمه كانت غير واضحة ومرتبكة ولم يرد اسمه في الاخبار المدونة خلال السننين الأخيرتين من حكمه مما حمل المؤرخين على أن يضعوا نهاية حكمه في سنة ( 629 ق م ) ..

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

آشورائیل ابلاني ( 629 – 627 ق م )

بعد وفاة آشور بانيبال حدثت منازعات على العرش الأشوري استطاع بعدها ابنه ( أشور نيل ايلاني ) أن يفوز بالحكم ولم يكن حازما كأسلافه ملوك الامبراطورية الاشورية وكان يعتمد في قمع الفتن الداخلية وفي الحرب الخارجية على قائده ” سن شر لشر ” ولضعف المملكة الاشورية انسلخ عنها كثير من المقاطعات البعيدة كعصر التي استقلت وبقيت على ولائها للدولة الاشورية وكذلك انفصل كثير من المدن الساحلية في فلسطين وسوريا ومدن بلاد ارمينية حتى ان احد ملوك الماذيين تجرأ وهاجم بلاد أشور فصده الجيش الاشوري وقتل الملك المادي ودحر جيشه .

• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •

سقوط نينوى ونهاية الآشوريين

وظهر في بلاد بابل الأمير الكداني ( نبوبولاسر  ) فأسس فيها سلالة جديدة مستقلة في عام ( 626 ق م ) عرفت بالسلالة البابلية الاخيرة أو المملكة الكلدانية. وبعد ان استقل هذا الامير في بابل حاول الاستيلاء على المدن الاشورية وممتلكاتها وفي نينوى تمرد القائد الأشوري ( من شر لشر ) على سيده الملك ( اشورائيل ابلاني ) واستقل ثم عزل الملك الذي كان يقيم حينذاك في نمرود . الا ان اخا الملك ( من شر اشكن ) حارب القائد الثائر وتمكن من القضاء عليه واستأثر بالسلطة وسكن في نينوى . وقد اثرت الحروب الداخلية هذه في سمعة مملكة أشور وكانت سببا لانفصال اكثر الاطراف عنها ومع ذلك بقيت مصر موالية للدولة الاشورية وكذلك كانت القبائل الشمالية من الصيثيين والليديين لانها كانت خائفة من توسع ملك الماذبين الجديد وهو ( كي اخسار ) الذي استطاع تأليف جيش ميدى قوي استولی به علی شمال ايران والرافدين ثم نزل إلى سهول آشور واشتبك مع الجيش الاشوري في حروب طاحنة

المصادر:

Faraj Basmachi + Harvard University + British Museum + Iraq Museum + Louvre Museum + University of Chicago

.

تابعنا

© جميع الحقوق محفوظة - موقع تاريخ العراق