العصور الحجرية وعصور ما قبل التاريخ
عاش الإنسان الأول في العراق منذ دهور طويلة وقد وجدت آثاره في الكهوف في الجبال الشمالية والشمالية الشرقية وفي العراء على الهضاب الجبلية في الشرق وعلى المرتفعات الصحراوية في الغرب . وقد اتخذ ذلك الإنسان أكثر أدواته الضرورية من الحجارة قسمى علماء الآثار ذلك الزمن بالعصر الحجري وهو حقبة طويلة جدا قسموها إلى أدوار مختلفة بالنسبة إلى نوع نشظيه قطع الحجر وتهذيبها وعرفت هذه الأدوار بأسماء المواقع التي اكتشفت فيها أول مرة نماذج من تلك الصناعات وأغلبها في فرنسا وجبال الألب وشمال افريقية والشرقيين الأقصى والأدنى . وكان ذلك الإنسان يعتمد على قواه في جمع قوته من الغابات والحقول ومن الصيد بأنواعه واستعمل أدواته من لب الصوان بعد نشظيته كفؤوس ومطارق للهجوم والدفاع ثم اتخذ الشظايا فيما أيضا سكاكين ومقاشط وصقل أدواته الحجرية وأخيرا اتخذ العظام والأخشاب
• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •
أما العصور الحجرية وعصور ما قبل التاريخ في العراق، فهي كالآتي :
العصر الحجري القديم ( الباليوليتي )
من أقدم المواقع الأثرية في العراق التي عثر فيها على نماذج من أدوات العصور الحجرية ” برده بلكا ” قرب جمجمال في محافظة كركوك, ويرقى زمن مخلفاته الى العصر الحجري القديم الأدنى من النوع المعروف بالأشولي إذ يقدر تاريخها بما قبل مائة ألف سنة ويليها قدما آثار كهف هزار مرد في محافظة السليمانية وكهف شانيدر في محافظة أربيل آثارهما في الغالب من النوع المعروف بالمستيري وهي ترقي إلى ما قبل أربعين ألف سنة وقد عثر على أدوات العصر الحجري المسنيري في مناطق أخرى متفرقة كبادية الشام في وادي حوران قرب الرطبة وهي من النوع المسمى ليفالواس. وتليها في القدم أدوات من الحجر والصوان من النوع الأورغنيشي من العصر الحجري القديم الأعلى, عثر عليها في مناطق متفرقة برجع زمنها إلى نحو 25 ألف سنة
.
كهف شانيدار عام 1960 ويظهر رالف سوليكي على اليمين
جمجمة إنسان نياندرتال سويت بالأرض منذ آلاف السنين في كهف شانيدار
أنتجت الطبقة الموستيرية في كهف شانيدار هيكلًا عظميًا لإنسان نياندرتال. هذا الاكتشاف المهم لهيكل عظمي لإنسان نياندرتال، الذي يسبق الإنسان العاقل يعد واحدا من اعظم الاكتشافات، يصنف كهف شانيدار بين أهم المواقع الأنثروبولوجية القديمة في العالم
الدكتور تي ديل ستيوارت وجاك بورداس وهما يعملان في كهف شاندرا عام 1960
فريق التنقيب رالف سوليكي ينقلون الاثار من كهف شانيدار إلى المتحف العراقي للدراسة
صورة مقطعية مقطعية تظهر الأذن وتفاصيل من الجمجمة المكتشفة في كهف شانيدار
العصر الحجري المتوسط ( الميسوليتي )
هناك مناطق في العراق تتوفر فيها آثار من العصر الحجري المتوسط وأشهرها موقع ” كريم شاهر ” في محافظة كركوك و ” ملفات ” على نهر الخازر في محافظة نينوى و ” كردجای ” على الزاب الأعلى و ” زاوى جمي ” بالقرب من شانيدر, ويقدر زمنها بما يزيد على ( 10,000 سنة )
• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •
العصر الحجري الحديث ( النيوليتي )
يبدأ هذا العصر في العراق قبل ( 10,000 سنة ) وفيه تعلم الإنسان الزراعة فكانت من أهم أسباب تقدمه ثم سكن البيوت وكانت في بادئ، أمرها من الطين والحصران ومنها تشكلت القرى ثم دجن الحيوان وربي الماشية وصار بذلك ينتج قوته بيده وأصبح ذا حياة اجتماعية وعقيدة دينية. ويقسم هذا العصر إلى دورين
: الدور الدني : – و وجدت آثاره في الطبقات السفلى من موقع جرمو وفي موقع كرد جاى وبقدر زمنه في نحو ( 6750 ق م ) وذلك بموجب تحليل المواد العضوية بالطريقة المعروفة : ( كاربون (14) وبمساعدة المقايسات مع الآثار المكتشفة في مواقع أخرى ، وقد تنوعت أدوات الحجر تنوعا كبيرا فصنع الإنسان الفأس الحجرية النحونة وربطها بمقبض من الخشب وصنع المعازق الحرث الأرض والمدقات والجارش لطحن الحبوب واستعمل السكاكين من الزجاج البركاني الأسود المعروف بالابيدي واستعمل أدوات من العظم فصنع الإبر والمثاقب والملاعق والحلي وصنع من الرخام دلايات وأساور ومن الطين دمى مختلفة تمثل الحيوانات التي دجنها أو الآلهة الأم الآهة الخصب والتكاثر. التي عبدها واستعمل القسي والسهام بكثرة
والدور الأعلى : – وجدت آثاره في الطبقات العليا من موقع جرمو وفي الطبقات السفلى من تل الصوان وفي حسونة وسامراء وحلف والعبيد والوركاء وجمدة نصر. ومن أهم ميزانه إضافة إلى الزراعة والاستيطان هي صناعة الفخار وكانت المصنوعات الفخارية في أول أمرها ساذجة سمجة ثم تحسنت وصارت على أشكال مختلفة وصبغت بألوان زاهية . ولما كانت حقبة العصر الحجري الحديث وعصر ما قبل التاريخ أو ما قبل السلالات طويلة الأمد
والآثار العائدة إلى هذه الحقبة كثيرة متنوعة . فقد حدد علماء الآثار تقسيم هذه الفترة المحصورة بين الألف الثامن ونهاية الألف الرابع قبل الميلاد إلى عصور و أدوار حضارية وسموها بأسماء القرى والمواقع التي عثر فيها لأول مرة على نماذج من آثارها ويجد القارى، كتبا مختلفة في هذا الموضوع نقرأ خلاصتها في الموقع الكتب الواردة في الهامش وقد رتب الباحثون هذه الحضارات حسب تعاقب قدمها في العراق على الوجه الآتي :
أ – فترة جرمو :
يقع موقع قرية جرمو فوق سلسلة من التلال بالقرب من جمجمال في محافظة كركوك حيث بدأت بعثة من المعهد الشرقي التابع لجامعة شيكاغو العمل في عام 1948. يعد هذا الموقع من العصر الحجري الحديث أحد أقدم القرى التي تم تحديدها في العراق كانت الزراعة والفلاحة تتم بالمناجل الحجرية، والقواطع، وأدوات أخرى للحصاد وخزن الغذاء، و في المراحل التالية وجدت بعض الأدوات المصنوعة من العظام مثل الملاعق وادوات التثقيب.
شيدت البيوت في جرمو بالطين وسقفت بالحصران وكانت أسس بعضها من الحجر الطبيعي وكان سكانها رعاة دجنوا بعض الحيوانات وربوا الماشية ومارسوا الزراعة في نطاق ضيق زرع سكان قرية جرمو الحنطة بنوعيها لهم ولحيواناتهم، و كذلك زرعوا البازلاء والبذور والفستق. ودجنوا المواشي مثل العنزات والخراف والكلاب. و في عصور لاحقة عثر على اثار للخنازير، مع آثار للأواني الفخارية، مما يدل على تدجين الخنازير في العصور اللاحقة. بُنيت منازل جارمو بجدران طينية غالبًا على أساسات حجرية خشنة وأسقف مصنوعة من الحصير.وكان لهم أيضًا معتقداتهم البدائية الخاصة مثل عبادة الإلهة الأم، إلهة الخصوبة والإنجاب يعود تأريخها إلى حوالي 6200/6000 قبل الميلاد
ب – دور الصوان :
يقع موقع تل الصوان على الضفة الشرقية لنهر دجلة على بعد حوالي 10 كيلومترات إلى الجنوب من مئذنة سامراء قامت المديرية العامة للآثار العراقية بثمانية مواسم من الحفريات التي بدأت في عام 1964 والتي تحقق فيها نجاح مذهل من خلال الكشف الكامل والمنهجي عن مستوطنة واسعة من العصر الحجري الحديث تعود إلى بداية الألفية 6 قبل الميلاد . من بين الاكتشافات الرائعة التي تم إجراؤها في هذا الموقع أواني من المرمر والعديد من الأشكال والأحجام وسلسلة رائعة من تماثيل الإلهة الأم .وجد أكثرها في مقبرة كائنة تحت أسفل الطبقات في تل الصوان ثم يلي ذلك من الأسفل إلى الأعلى طبقتان فيهما كميات من فخاريات عصر حسونة وأدوات نعود إلى أوائل هذا العصر وما قبله بقليل إما في الطبقات الثلاث الأخرى العليا فقد عثر على كميات كبيرة من فخار ملون من النوع المعروف بفخار سامراء ووجد كذلك على سطح التل بعض الكسر من فخار عصر حلف الملون أيضا.
وما زال موقع تل الصوان تحت الدرس لمعرفة قدمه بالنسبة إلى دور حسونة إذ إن ما اكتشف فيه من أواني الرخام وجد المنقب الألماني هرتسفلد في سامراء تحت المباني الإسلامية أواني من الرخام تشبه بعض الشبه أواني تل الصوان ووجد كذلك قلائد من الخرز وكميات من الفخار الملون
ج – دور حسونة :
تقع قرية حسونة على بعد 15 كيلومترا من الضفة اليمنى لنهر دجلة وعلى بعد 35 كيلومترا جنوب الموصل. أجرت المديرية العامة للآثار العراقية حفريات في هذا الموقع في عامي 1943 و 1944 واكتشفت أنها قرية من العصر الحجري الحديث تعود إلى حوالي 5100 قبل الميلاد. وكشف فيها عن عدة طبقات وجدت فيها آثار متنوعة بينها أدوات من الحجر والابسيدي ومناجل من الصوان ودمى من الطين وأهم ما امتازت به حسونة فخارها الذي يصنف إلى أربعة أنواع وهو الساذج والمدلوك والحزز والمصبوغ بلون برتقالي على الغالب ومنقوش بخطوط هندسية وفي موقع مطارة بمحافظة كركوك وجدت آثار مماثلة لدور حسونة
د – دور سامراء :
نقع سامراء على دجلة على 120 كيلومترا شمال بغداد، وجدت بعثة ألمانية عام 1912 . في أحدى مناطق المدينة تحت المباني الإسلامية العباسية آثارا وفخارا عرف بفخار سامراء وبقدر تاريخه بنحو ( 5000 ق م ) وفخار هذا العصر مبرقش بلون أزرق وبأشكال هندسية وخطوط منقاطعة، وجدت كميات كبيرة منه في مواقع عديدة منها في تل الصوان وموقع الثلاثات قرب الموصل وغيرها
صحن سامراء
عثرت عليه البعثة الالمانية عام 1911-1914 بسامراء العراق ويعود زمنيا الى عصر القرى الزراعية اواخر العصر الحجري الحديث او ثقافة سامراء وهو عصر سبق عصر العبيد في جنوب العراق حوالي 5000 عام قبل الميلاد في الوسط الصليب المعقوف رمز للجهات الاربعة ويعود اصله الى عبادة الألهة الام في بلاد الرافدين
مرسوم علية مجموعة من الأسماك تسبح حول صليب معقوف يتكون التصميم من حافة ودائرة مكونة من ثمانية أسماك بالقرب من الحافة وأربعة أسماك تسبح باتجاه المركز يتم اصطيادها بواسطة أربعة طيور وفي نفس الوقت تحاول السحالي صيد الأسماك من الخارج كما هو معتاد في الثقافات من منطقة بلاد ما بين النهرين يمكن رؤية استخدام النظام العددي ذي القاعدة الستة في الخطوط المحيطة بالوعاء،
على اليسار تمثيل لمجرة درب التبانة ويرى موقع الشمس حيث اتخذت هنا كمركز للتقسيم الزاوي مثل الصليب المعقوف في صحن سامراء إن حركة الرسوم وأتجاهاتها في صحن سامراء تشبه إلى حد بعيد الحركات الظاهرة لمجرتنا درب التبانة كون الصليب المعقوف المرتبط بمفهوم الموجة المربعة يبدو كمركز المجرة الشمس الذي تدور حوله الأفلاك لذلك قد يكون صحن سامراء صاحب الـ 5000 قبل الميلاد هو نموذج لمجرة درب التبانة ونظامنا الشمسي
اقتبست حضارات في بلدان اخرى هذا الرمز ، منها مثلا : الهند حيث يرمز الى التطور عند الهندوس ، كمبوديا ويرمز الى التأمل لدى البوذيين ، المانيا ، روسيا ، الولايات المتحدة ، بولندا ، التبت ، البيرو ، كوريا ، ايطاليا ، اوكرانيا ، ارمينيا ، اليابان ، تركيا الموقع الحالي للقطعة متحف بيرغامون في برلين ألمانيا
• • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • • •
العصر الحجري – المعدني ( الكالكوليتي )
في مطلع الألف الخامس قبل الميلاد توفق الإنسان إلى اكتشاف المعادن وصنع منها أدوات مختلفة استعملت بجانب الأدوات الحجرية، وقد عرف هد الدور بالور الحجري – المعدني. ولكن التنقيبات الأخيرة التي أجريت في تل الصوان في العراق وتل جنل هيوك في غربي تركيا أثبتت إن النحاس كان معروفا بصورة بدائية منذ بداية الألف السادسة قبل الميلاد
وأدوار هذا العصر الرئيسية كما يأتي :
أ – دور حلف :
يقع تل حلف ( كوزانا القديمة ) في شمال سوريا على بعد خمسة كيلومترات جنوب غربي رأس العين قرب متبع الخابور. نقبت فيه بعثة ألمانية عن متحف برلين سنة ( 1911,1913 1929 ) واكتشفت فخارا رقيقا مصبوغا بعدة ألوان بزخارف هندسية رائعة بقدر تاريخه : 4900 – 4300 ق م ) وآثار أخرى كثيرة ومتنوعة .كما وجدت البعثة البريطانية المنقبة في الاربجية في محافظة نينوى في عامي ( 1933, 1934 ) آثارا كثيرة وفخارا بديعا يرجع الى عهد هذا الدور و وجدت بعثة أمريكية في تبه كورا في محافظة نينوى آثارا مماثلة عديدة وقد تقدمت الصناعات المختلفة في هذا العصر وما بعده . و أخذ الإنسان يؤسس بداية الحضارة الناضجة لاسيما عندما انتقلت موجة الحضارة من الشمال ومن الهضاب المرتفعة الشرقية الى الجنوب بعد انحسار المياه عنها وجفاف بعض الاهوار لان جنوبي العراق كان إلى ذلك الحين مغمورا بالمياه، وان الغرين والرمال التي يحملها دجلة والفرات في العراق ونهر كارون والكرخا في إيران ترسبت في المصبات فتكون على ممر السنين أراض خصبة واسعة سهلت الزراعة فنشأت عليها مستوطنات عديدة كانت من أهم مراكز حضارة العراق القديم واصبحت مدننا عامرة في العهد السومري
ب – دور إريدو :
قع مدينة اربدو في أقصى الجنوب على نحو 40 كيلومترا إلى الغرب من مدينة الناصرية وتعرف إطلالها اليوم ” أبو شهرين ” نقبت فيها مديرية الآثار العراقية ثلاثة مواسم ( 1946 – 1948 ) وكشفت فيها عن ثماني عشرة طبقة المعابد الكائنة تحت الزقورة. وقد خصصت هذه المعابد لعبادة اله البحار ( المياه ) ” انكي ” الذي عرف بعدئذ باسم ” أيا ” ومن دراسة الفخاريات المكتشفة في هذه الطبقات تبين ان فخار الطبقات السفلى المرقعة ( 15 – 18 ) ذات مميزات خاصة وهي رقيقة مغطاة فاتحة ومبرقشة بلون أسود أو زيتوني أو أحمر أو بني بأشكال هندسية نشبه الشبكة المؤلفة من نقاطع الخطوط بالاضافة إلى أشكال نباتية كالزهرة، وهذه الميزات تمثل فترة حضارية جديدة تعرف لأول مرة في القسم الجنوبي من العراق. وقدر زمنها من النصف الثاني من الألف الخامس قبل الميلاد . كما كشف في هذه المدينة عن مقبرة واسعة قبورهت شيدت على غرار واحد, وجدت فيها جرار كثيرة من عصر العبيد . وفي موقع حاج محمد القريب من الوركاء اكتشفت كميات كثيرة من فخار مماثل الفخار حضارة اريدو وله صفات أقرب ما تكون إلى فخار عصر العبيد الجنوبي. وكذلك وجد مثل هذا الفخار في موقع رأس العمياء بالقرب من كيش شرقي بابل.
ج – دور العبيد :
قع تل العبيد في جنوبي العراق على بعد سنة كيلومترات من غرب أور الواقعة على مقربة من مدينة الناصرية . تحرت فيه البعثة البريطانية التي تنقب في أور عام ( 1919) فوجدت فيه وعلى سطحه آثارا و فخارا امتاز بشدة حرقه وصلابته بقدر تاريخه بنحو ( 4000 – 3500 قم ) وقد عرف بفخار العبيد, صنعت أكثر أنينه بواسطة دولاب الفخار، صبغ أغلبها بخطوط عريضة سود تمثل أشكالا هندسية ونبانية وحيوانية وعصر العبيد حقبة حضارية طويلة الأمد وجدت مخلفاتها في الجنوب الشمال في مواقع مختلفة، ويمكن تقسيم حضارة هذا العصر إلى قسمين
اولا : القسم الجنوبي – وهو الأقدم وقد وجدت فخارياته بكثرة في كل من اريدو وحاج محمد بالقرب من الوركاء ورأس العمياء بالقرب من كيش وفي أماكن أخرى .
ثانيا : القسم الشمالي – من حضارة عصر العبيد فقد وجدت نماذج منها بكثرة في الشمال, مثل موقع تل الثلاثات بالقرب من سنجار حيث نقبت بعثة بابانية أربعة مواسم بين سنة ( 1956- 1966 ) وفي تبه كورا حيث نقبت بعثة بنسلفانية الأمريكية. وفي الجنوب فيم واقع تل العبيد وأور وأريدو والوركاء ومواقع أخرى استعملت المعادن في هذا العصر، وكان النحاس يطرق باردا في بادىء الأمر إلا انه سخن بعدئد واستعملت طريقة الصب السباكة أيضا وصنعت منه صنارات لصيد الأسماك ودبابيس وسكاكين وأسلحة . وشيدت في هذا العصر المعابد، واشتهرت منها معابد اريدو والمشيدة على نظام هندسي راق. ومن آثار المواقع التي تعود الى هذا العصر أدوات مختلفة من الفخار بينها مناجل وفؤوس و ودمى من الطين المشوي بعضها مصبوغ بخطوط سود تمثل الآلهة منها دمية تحمل طفلا
تل العبيد، معبد ننهورساج فترة الأسرات المبكرة (حوالي 2600 قبل الميلاد) (هول وولي 1927)
د – دور اوروك الوركاء :
نقع مدينة الوركاء وأسمها القديم أوروك في جنوب شرقي السماوة على 30 كيلومترا منها نقبت فيها بعثة ألمانية منذ عام 1929 استمرت 26 موسما وما زال العمل جاريا حيث كشفت عدة طبقات تاريخية وطبقات من عصور ما قبل التاريخ أي من أدوار العبيد وأوروك وحمدة نصر، وبقدر زمن دور الوركاء من ( 3500 – 3100 ق م ) . وأشهر القسم القديم من دور الوركاء بكثرة فخاره، وهو على ثلاثة أنواع : الأول منها فخار مدلوك أحمر اللون، والثاني رمادي مدلوك أيضا والثالث سمج ساذج . وأمتاز القسم الثاني الحديث ( من دور الوركاء بنضج الحضارة وبتقدم الحياة الاجتماعية والدينية والاقتصادية. ومن مقومات هذه الحضارة بوادر الكتابة في نحو ( 3200 ق م ) وقد كانت بأشكال تصويرية استعملت لتسجيل الواردات في المعابد وغيرها . وانتشر فن النحت فنقشت ألواح من الحجر وصنعت الأختام الاسطوانية ، وكان فن العمارة راقيا جدا فقد زينت واجهات المعابد بنقوش مصبوغة منها معبد ( أنو ) في الوركاء بالفسيفساء المتكون من مسامير ملونة من الفخار أو الحجر
ة – زمن بدء الكتابة والآداب :
وقد عد بعض علماء الآثار حضارة النصف الثاني من عصر أوروك وبداية دور حمدة نصر وهو الدور الذي
يلي دور أورك, حقبة حضارية أطلقوا عليها بدء الكتابة والآداب وقد زودتنا هذه الحقبة من الزمن بآثار فنية راقية ، وبنقوش عديدة ندل على تقدم الحضارة بمختلف مناحيها في نحو ( 3200 – 3000 ق م ) ومن هذه الاثار واكثره عثر عليه في الوركاء وهو معروض في مقدمة القاعة الثالثة في المنحف العراقي من بينها مسلة صيد الأسود والإناء النذري الشهير ورأس فناة من الرخام الأبيض بالحجم الطبيعي وتمثال صغير من رخام شمعي يمثل امرأة عارية والنصف الأعلى من تمثال رجل ملتح، ومجموعة من الأختام الاسطوانية البديعة.
اناء الوركاء تم العثور على اناء الوركاء المصنوع من المرمر المنحوت في مجمع معبد الالهة وفق المعتقدات العراقية القديمة أنانا في اوروك جنوب العراق ويعود تاريخها الى ثلاثة الالاف قبل الميلاد وهي تعود للفترة المذكورة اعلاة تفاصيل الاناء
، مقسم في أربعة اقسام تظهر ، من الأسفل إلى الأعلى ، الغطاء النباتي ، وموكب من الحيوانات والذكور يحملون الأوعية والجرار ، وأخيرا مشهد عرض كامل أمام معبد إنانا.
و – دور جمدة نصر :
يقع تل جمدة نصر في شمال شرقي كيش على بعد 42 كيلومترا منها . تحرت فيه بعثة أمريكية عام 1928 وكشفت عن حضارة خاصة ونوع من الفخار ذي عدة ألوان تغلب عليها الحمرة وجرارة كبيرة الحجم ومفلطحة الشكل، بقدر تاريخ هذا الدور من ( 3100 – 2900 ق م ) . ووجدت في تل العقير حيث نقبت مديرية الآثار العراقية مجاميع كبيرة وآثار مختلفة من هذا العصر .ومن أهم الميزات الحضارية لهذا الدور، تقدم فن الكتابة وتطويرها من صور الى رموز رسمت بخطوط مستقيمة وصار للعلامات قيم صونية ساعدت على التدوين بعض المساعدة، كما تقدمت الصناعات وزاداد استعمال الأختام بنوعيها المسطحة والاسطوانية، ونقشت أواني الحجر بأشكال الحيوان أو طععت بالصدف, كما أن صناعة المعادن أخذت في التقدم فصنع منها مختلف أنواع الأسلحة والأدوات البينية وتطور فن العمارة وتوسعت المباني والمعابد توسعا ملحوظا وزينت واجهاتها بالفيسفاء . والمعتقد أن سكان القسم الجنوبي من العراق كانوا حينذاك خليطا من شعوب مختلفة من ساميين وسومريين إلا إن غالبيتهم كانت من السومريين الذي طغت لغتهم. وعقائدهم على بقية سكان المدن والأرياف وأسسوا – كما سيكتب بعد هذا الموضوع – دولا حاكمة في المدن الكبرى في جنوبي العراق . وقد نقبت الاثاريون في مدن العراق القديمة في الشمال والجنوب ويجد القارىء تفاصيل هذه التنقيبات في قسم موقع تاريخ العراق الاكتشافات الاثرية في العراق
المصادر :
د.فرج بصمه جي + جامعة هارفارد + المتحف البريطاني + المتحف العراقي + الترجمة والنشر موسى السيباوي +
.
خريطة العراق تظهر فيها بعض الأماكن التاريخية من عصر جمدة نصر
المصادر:
Faraj Basmachi + Harvard University + British Museum + Iraq Museum + Louvre Museum + University of Chicago